كل يوم نقرأ في الصحف عن معلومة احصائية ندرك تماماً أنها غير صحيحة كالتي تقول مثلا: ان 80% من طالبات المدارس المتوسطة والثانوية مدخنات وطبعا يستحيل ان يكون أحد قد أجرى بين الطالبات احصاءً ليعرف عددهن وعدد المدخنات منهن, ثم أخرج النسبة التي اعلنها ويبقى انه أجرى الاحصاء على عينة ممثلة لهذه المدارس ويطرح السؤال هل هو متخصص في هذا الفن ويعرف ما يشترط في العينة لتكون ممثلا للمجتمع الذي يجري عليه الاحصاء ويتضح لنا ان من اطلقها لا علاقة له أصلا بفن الاحصاء كما لا علاقة له واصبحنا ندرك ان المدعين العلم بفن الاحصاء اعداد كبيرة بعيدة جداً عن هذا التخصص, وان بعضهم قد اصبح يغري حتى المؤسسات الرسمية وتكلفه باحصاء فيخرج معيباً وتعتمد عليه تلك الادارة وتعلنه على الناس ولكن من يعرفون الاحصاء يعلمون انه لا يمكن ان يمثل الواقع, خاصة ان الاحصاء عبر العينة فيه نسبة من الخطأ معتبرة, فمثلا هيئة الأمر بالمعروف نشرت عنها جريدة الحياة انها رفضت انتقادات مجلس الشورى اعتماداً على ان 85 % من المجتمع يؤيدها, ومادام المجتمع يؤيدها فلا تقبل نقداً, وهو تفكير إن حدث من الهيئة فهو غريب جداً فهو لا يعني الا شيئاً واحداً أن الهيئة لا تقبل النقد لا لأن المجتمع يؤيدها وانما لان هذا سلوك متأصل لدى كثير من أجهزتنا الحكومية, بل وغير الحكومية, تتوجس من كل نقد لما تقوم به, واذا وقعت أخطاء في أدائها بررت هذه الاخطاء بشتى ألوان التبرير وهذا لا يعني انني اتهم الهيئة بذلك وانما أتكلم عن ظاهرة موجودة تقرأها كل يوم على صفحات المحلية, وتقرأ فيها التجهيل للمنتقد وانه لم يطلع على الحقائق التي تخالف ما يقول, ولو كان يصف واقعاً يعرفه جميع الناس ويدركونه بسهولة, ومادام لا يستجاب للنقد اذا كان صريحاً ويعتمد الاصول ولا يتهم احداً بشخصه, ولكنه يذكر ألوان القصور والخلل والذي يتوالى في بعض اداراتنا الحكومية كوزارة الصحة اليوم التي لا تلتفت لأي نقد مع ان الجميع اصبحوا يدركون مدى تدهور الخدمات الصحية في كل المنشآت التابعة لها الا النادر القليل, فتوالي نشر مثل هذه الاحصاءات في صحفنا يجب ان يتوقف ما لم تكن صادرة عن جهة موثوقة, وهو ما نرجوه والله ولي التوفيق.