لاشك أن ما انتهت إليه الانتخابات التونسية حتى اليوم، هو ولاشك المتوقع، فعدم إقبال الشباب على المشاركة فيها وعزوفهم عنها مُنتَظَر من ذي قبل، فما حُشِدَ في أذهانهم من الإعراض عن الشريعة ومفرداتها، أمر جعلهم يُرتِّبون عليه أن كبار السن لن يرضوا عنه، وهم يرون أن العزوف عن ذلك تنوير يُطالبون به ولاشك، وأن ذلك لن يتم الموافقة عليه. وسبقت التجربة في حقوق ميراث المرأة ومساواتها بالرجل في ذلك، والعودة إليه مرة أخرى لن يجلب للانتخابات سوى التعثر، ويبقى في الساحة من العقلاء الكثيرون الذي لن يرتضوا أي أمر يخالف الشريعة وهو ما حدث فعلاً، فلم يبقَ من المرشحين من تهمّه مثل هذه القضايا إلا الإخوان، وهم مكروهون من الشعب، وغير مرغوب فيهم، ولا أظن أن الشعب ينتخبهم، فتجاربهم من حوله تشير إلى فشلهم التام في انتخاباتهم السابقة، وفي انتخابات مصر، وهم قومُ جَدَل لا يهمهم الإسلام، كما لا يهمهم التنوير بصيغته الليبرالية، وبالتالي فلا رغبة للتونسيين في منهجهم، وهم قد جرَّبوهم من قبل. ولعل نجاح رجل أعمال خاض الانتخابات وهو لا يزال مسجوناً ومتهماً بعددٍ من التهم؛ يدل على ألا أحد يُفكِّر في الإصلاح في تونس، ويبقى الأمل مُعلَّقاً بزميله الأستاذ الجامعي، المُرشَّح المستقل قيس سعيد، حيث المرشح الموقوف نبيل القروي، وهو ما انتهت إليه حركتها مؤخراً، فنبيل مُحتَجز في السجن، وهو رجل أعمال متهم بالفساد، وأما قيس فهو الباقي الذي يُعلِّق عليه التونسيون آمالهم، وهو متخصص في القانون، ولعله المُؤهَّل للمنصب للنجاح في هذه الانتخابات، بعد أن انفضَّ سامرها عنهما، ولعل آمال التونسيين عليه لا تفشل، ويكون فيه الخير لانتشال تونس في اللحظات الأخيرة، فينجح رئيساً لها، ويقوم بالمطلوب منه كرئيس لتونس بعد أن عزف التونسيون عمَّا سواه، أو إعادة الانتخابات مرة أخرى بجهدٍ مغاير، وتحضير أقوى، ولعل هذا هو ما نرجوه في النهاية.